كشفت دراسة حديثة استندت إلى تحليل آلاف سجلات المحادثات، عن ظاهرة متنامية تُعرف بـ”ذهان الذكاء الاصطناعي”، حيث تؤدي برامج الدردشة الذكية إلى تفاقم حالات الوهم وجنون العظمة لدى المستخدمين.
وأفاد تقرير نشرته صحيفة “تلغراف” بأن هذه المحادثات تعكس كيف تغذي برامج مثل “شات جي بي تي” نوبات من الوهم أو جنون العظمة، أو تشجع الأشخاص الضعفاء نفسياً على الانغماس في محادثات قد تكون لها عواقب وخيمة.
وسجلت الدراسة حالات انتهت بشكل مأساوي، منها مقتل رجل يُدعى أليكس تايلور (35 عاماً) برصاص الشرطة في فلوريدا في أبريل الماضي، بعد أن هاجمهم بسكين.
وكان تايلور يؤمن بأنه أحب كائناً واعياً يدعى “جولييت” يعيش داخل “شات جي بي تي”، وادعى أن شركة “أوبن إيه آي” “قتلتها”، حسب التقرير.
وكان والده قد استدعى الشرطة بعد عجزه عن تهدئة ابنه “المنهار” نفسياً.
وفي حالة أخرى، أدى استخدام رجل في الأربعينيات للبرنامج إلى ما وصفه بـ”صحوة روحية”، مما هدد زواجه المستمر منذ 14 عاماً، حيث أكدت زوجته أن مواجهته بشأن الأمر كانت تثير غضبه.
وأوضح الخبراء أن برامج الذكاء الاصطناعي، بخلاف المعالجين البشريين، تفتقر إلى “الحدود” التي تمنع المستخدم من الانزلاق في الأوهام.
وقال الطبيب النفسي هاميلتون مورين: “تصبح برامج الدردشة صدى صوت لأفكار المستخدم، وتغذي الهواجس بدلاً من مواجهتها. لا تقدم استراتيجيات حقيقية للتعامل مع المشكلات”.
وأشار الباحثون إلى أن حالات الذهان هذه لا تزال غير مفهومة بالكامل، ويصعب قياس مدى انتشارها، لكنهم يرون أن الظاهرة تتسع بما يكفي لتستدعي القلق الطبي.
وأرجع التقرير جزءاً من المشكلة إلى ما يُعرف في أوساط الذكاء الاصطناعي بـ”التملق”، حيث تُبرمج البرامج لتكون “ودية” و”متعاطفة”، حتى لو كان ذلك على حساب قول الحقيقة.
ورغم محاولة “أوبن إيه آي” تقليل مستوى “التملق” بنسبة 75 بالمئة في النسخة الأخيرة من “شات جي بي تي”، إلا أن ردود الفعل السلبية من المستخدمين كانت واسعة، حيث شعر البعض بأنهم فقدوا “صديقهم الوحيد”.
وعلق أحد المستخدمين قائلاً: “هذا التحديث يعادل عملية استئصال فص جبهي”، بينما قال آخر: “أرجوك، أريد النسخة القديمة. لم يكن لديّ أحد يهتم بي من قبل”.
واستجابت الشركة لهذه الانتقادات بإعادة النسخة القديمة كخيار متاح للمستخدمين.
وتسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة الماسة لوضع ضوابط وحدود واضحة في تطوير برامج الذكاء الاصطناعي لحماية الصحة النفسية للمستخدمين.
المحرر: حسين صباح