الجمعة 8 ذو الحِجّة 1446هـ 6 يونيو 2025
موقع كلمة الإخباري
لابوبو... لماذا يتهافت الناس على شراء دمية قبيحة؟!
د. مهند حبيب السماوي
في واحدة من الظواهر الرقمية الغريبة، برزت دمية، صغيرة الحجم، مشوّهة الشكل، بأسنان بارزة وعيون واسعة، لتثير الاهتمام، وتتلاعب بالجماهير، وتقلب مفهوم الجمال.
2025 / 06 / 04
0

في واحدة من الظواهر الرقمية الغريبة، برزت دمية، صغيرة الحجم، مشوّهة الشكل، بأسنان بارزة وعيون واسعة، لتثير الاهتمام، وتتلاعب بالجماهير، وتقلب مفهوم الجمال.

إنها دمية لابوبو (Labubu)، التي اجتاحت المنصات الرقمية، وجعلت الناس يتهافتون على شرائها، بل ويقفون في طوابير طويلة للحصول عليها، بثمن وصل في بعض الحالات إلى أكثر من 1000 دولار.

فما سر هذا السلوك الجنوني ؟

وما الذي يجعل  الالاف ينجذبون إلى هذه الدمية الغريبة؟

وهل هي مجرد موضة وترند مؤقت، أم تمثل تحوّلًا أعمق تحركه الخوارزميات والرغبات النفسية ؟

أدناه أبرز التفسيرات الممكنة، الرقمية والنفسية والاجتماعية والفكرية، حول هذه الظاهرة:

* ظهور بعض الشخصيات المشهورة مثل ريهانا، وليسا من فرقة "بلاك بينك"، وكيم كارداشيان، ودوا ليبا وهم يحملون لابوبو، منح المستخدمين دافعا لاقتنائها، واعطى للدمية نفسها رمزية رفعت من قيمتها ككائن رقمي مرغوب.

* تضخيم الخوارزميات للمنشورات المتعلقة بها، ساهم في استشراء لابوبو وظهورها على نحو كبير للمستخدمين، ما ساعد في رواجها بشكل هائل، وتحويلها لظاهرة رقمية عالمية.

* لابوبو ليست جميلة، بل هي قبيحة بطريقة تجذب الانتباه وتلفت الانظار، وهذا يعكس ما يُعرف بـ”جماليات القبح”، حيث نجد الإثارة والمتعة في الاشياء التي تخالف الذوق السائد، وتكسر قواعد الجمال النمطي.

* طريقة بيع لابوبو عبر صناديق المفاجآت تخلق تجربة مليئة بالتشويق والاثارة، وهي أشبه بمقامرة نفسية ومغامرة ممتعة تخلق ألية تُحفّز الرغبة في الشراء والتجميع وإعادة المحاولة.

* تحمل لابوبو في طياتها رفضًا لاشعوريًا للجمال المثالي التقليدي والصور المُفلترة المنسقة، وسلوك المستخدمين مع الدمية بمثابة هي دعوة خفية للتمرد على المعايير الجمالية المعلّبة، والانفتاح على التنوع والغرابة.

* قد يستخدم بعضهم لابوبو كأداة للسخرية من الواقع، والتعبير عن الاستهزاء من حالة تناسق مظاهر الحياة الرقمية المصطنعة، و فلاترها المزيفة .

* تمثل لابوبو، من منظور فكري، قمة التحولات الفكرية في المجال البصري لعصر ما بعد الحداثة حيث القبح يصبح رمزًا، واللامعقول يسيطر على العقل، والغرابة والفوضى تحتل مساحات المألوف والنظام.

والخلاصة :

 لم تعد دمية مثل لابوبو مجرد مُنتج غريب، خارج عن سياق العصر الرقمي، بل هي مرآة تعكس لامعقولية  الإنسان الحديث، ورغبته في كسر الأنماط المفروضة عليه، وهشاشة ارادته التي تتحرك وفقا لخوارزميات المنصات .

إنها حالة رقمية نفسية تُجسّد كيف يتم صنع الرموز في العصر الرقمي على أساس اللامعقول والدهشة والغرابة  والتمرد ومالايمكن تفسيره بسهولة !

التعليقات